"... صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ" (لوقا 22: 40) . . . . "طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ" (يعقوب 1: 12) . . . . "لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ" (الْعِبْرَانِيِّينَ 4: 15)
إختبار وتجربة المؤمن . . .
( أ ) مقدمة
من المهم التمييز بين اختبار إيمان المؤمن بالمسيح، وبين تجربة المؤمن لجذبه إلى الخطيئة والعصيان. ما هي الاختلافات بين اختبار الإيمان والتجربة؟ ما هي مصادرهما؟ ما هو الغرض منهما؟ لا يسعى المؤمنون لاختبار الإيمان والتجربة، ولا ينبغي أن يخافوا منهما. يتناول هذا المقال هذه الأسئلة ويقدم أمثلة من الكتاب المقدس للتوضيح.
يجب أن يحتمل المؤمن آلام اختبار الإيمان (يعقوب 5: 11). لكنه ينبغي أن يقاوم التجربة (يعقوب 4: 7). اختبار الإيمان يأتي من خارج المؤمن. التجربة تأتي من الخارج أو من الداخل.
(ب) إختبار الإيمان
(عودة إلى قائمة المحتويات)
إن اختبار إيمان المؤمن قد يصدر من الرب الإله أو من الشرير. هدفه هو تأكيد إيمان المؤمن والتزامه، ونمو شخصيته، وترقيته إلى مستوى روحي أعلى، ونضجه في الإيمان (بطرس الأولى 1: 6-7). عادة يحتوي هذا الاختبار على معاناة محن وألم نفسي أو جسدي. "هَئَنَذَا قَدْ نَقَّيْتُكَ وَلَيْسَ بِفِضَّةٍ. اخْتَرْتُكَ فِي كُورِ الْمَشَقَّةِ" (إشعياء 48: 10). "... وَأَمْحَصُهُمْ كَمَحْصِ الْفِضَّةِ وَأَمْتَحِنُهُمُ امْتِحَانَ الذَّهَبِ ..." (زكريا 13: 9). المؤمن الصالح يكرز حياته لخدمة الرب. ومع ذلك، فإن اختبار الولاء الحقيقي والإيمان القوي هو اختبار آلام التجارب والشدائد. لم يعد الرب المؤمن الصالح بطريق سهل مفروش بالورود في هذا العصر من الزمان. على العكس من ذلك، ذكره تكرارا بالمحن والمصاعب التي تنتظره على هذه الأرض. "... فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يوحنا 16: 33)؛ "منْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي" (متى 10: 38).
يفتخر الله بعباده الصالحين عند اجتيازهم اختبار الآلام والشدائد. في الواقع، يتباهى بهم وبنجاحهم الروحي في الشدائد (أيوب 2: 3). مما لا شك فيه، يفرح الجند السماوي بنجاحهم.
إذا فشل المؤمن في اختبار الإيمان ثم قدم توبة صادقة، فسيغفر له الرب ويرده إلى حظيرة الإيمان، كما نتعلم من إنكار بطرس ثلاث مرات ثم ندمه وتوبته بدموع ثم مغفرة الرب له ورده إلى حظيرة الإيمان (متى 26: 69-75؛ يوحنا 21: 15-17). فيما يلي أمثلة من الكتاب المقدس عن اختبار الإيمان.
1. إختبار إبراهيم
(عودة إلى قائمة المحتويات)
اختبر الله إخلاص إبراهيم وصدق إيمانه وولائه (تكوين 22: 1-14). "وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ»" (تكوين 22: 1-2). كان هذا اختبارًا صعبا لإيمان إبراهيم. كان إبراهيم وزوجته سارة في سن متقدمة. لم يكن بإمكانهما إنجاب المزيد من الأطفال. رغم ذلك، أطاع إبراهيم أمر الله، وسافر لمدة ثلاثة أيام إلى الجبل المخصص ليقدم ابنه الحبيب كذبيحة محرقة. ولقد منعه ملاك الرب من ذبح ابنه، قائلًا: "لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئاً لأَنِّي الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي" (تكوين 22: 12). اجتاز إبراهيم بنجاح هذا الاختبار الصعب لإيمانه. ونتيجة لذلك، باركه الرب كثيرا، قائلاً: "بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي" (تكوين 22: 16-18).
2. إختبار أيوب البار
(عودة إلى قائمة المحتويات)
بدأ الشيطان اختبار إيمان أيوب. سمح الله بذلك، ولكن حدد وحصر نطاقه. لقد ادعى الشيطان أمام عرش الله السماوي أن أيوب ليس سوى مرتزق يفتقر الحب الحقيقي والالتزام لله. كل تقواه الظاهرة كانت لرغبته في الحصول على مكافآت مادية هائلة من قطعان الأبقار والأسرة الكبيرة والصحة الجيدة التي صبها الله عليه بسخاء. كانت تقواه وطاعته لله في مقابل الأجر (أيوب 1: 9-11؛ 2: 4-5). كان هذا التحدي الشيطاني قوياً للغاية. استجاب الله لذلك بالسماح للشيطان بضرب ممتلكات أيوب وصحته (أيوب 1: 12؛ 2: 6) من أجل اختبار وإثبات مدى التزامه بالإله الحي وإيمانه به. هل كان التزامًا حقيقيًا وقويًا، أم التزامًا ضعيفًا وسطحيًا (أيوب 1: 10-11؛ 2: 3-5؛ 23: 10)؟ كانت العملية بكاملها تحت سيطرة الله. كان الشيطان مقيدًا في ما يمكنه فعله (أيوب 1: 12؛ 2: 6).
أراد الله أن يُخرج أيوب البار من بره الذاتي، وتبريره لنفسه، وحكمته الذاتية حتى يجد كماله في الله وحده (أيوب 40: 1-5). أراد الله أن يصل أيوب إلى الموضع الذي يستسلم فيه كليا لله، ويثق فيه تماما على الرغم من كل التناقضات الظاهرة، ويستريح في الله نفسه، بصرف النظر عن أي تفسيرات لآلامه.
اجتاز أيوب اختبار الإيمان بنجاح. ظل مخلصًا لله ولم يثور ضده بسبب آلامه وشدائده (أيوب 1: 21؛ 2: 10؛ 42: 7). لقد أصبح أيوب متواضعًا، وتعلم أن يستسلم بلا تحفظ لإرادة الله دون شكوك (أيوب 40: 2)، وأن يتوب عن بره الذاتي (أيوب 42: 6). تعلّم أيوب أن يثق في الرب في الشدائد: "هوَذَا يَقْتُلُنِي. لاَ أَنْتَظِرُ شَيْئاً. فَقَطْ أُزَكِّي طَرِيقِي قُدَّامَهُ" (أيوب 13: 15). فتحت المصائب التي حلت بأيوب عينيه وجعلته يعلم المزيد عن نفسه وعن الله. أدى هذا إلى نمو شخصيته، لأنه تنقى كالذهب (أيوب 23: 10).
أثنى الله على تقوى أيوب البار وأعطاه اعتبارا خاصا بوصفه انه "خادمه" (أيوب 1: 8؛ 2: 3). كان الله فخورا بأيوب البار. مرتين حارب مع أيوب ضد تحدي الشيطان الجدي، وفاز مرتين، وتمجد مرتين (أيوب 2: 10).
3. إختبار بولس الرسول
(عودة إلى قائمة المحتويات)
كان بولس، خادم الرب الذي لا يكل، يعاني من علة جسدية، لم يتم وصف طبيعتها في الكتاب المقدس (كورنثوس الثانية 12: 7). لكن، هناك دلائل تشير إلى أنه قد عانى من مرض في عينيه (غلاطية 6: 11؛ 4: 13-15). بغض النظر عن طبيعة آلامه، فقد أزعجته لدرجة أنه التمس من الرب الشفاء ثلاث مرات! لم يستطع بولس، الذي امتلك موهبة شفاء المرضى، أن يشفي نفسه، ولم يمنحه الرب طلبه قائلاً: "... تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ ..."(كورنثوس الثانية 12: 9)! لقد عانى بولس، رجل الله، من آلامه لبقية حياته، حتى استشهد.
نعلم العديد من الأسباب الهامة لهذا الاختبار الإلهي للقديس بولس الرسول:
1. لجعله متواضعًا وحمايته من السقوط في خطايا الكبرياء والبر الذاتي بسبب الرؤى والإعلانات الإلهية التي تلقاها (كورنثوس الثانية 12: 7).
2. لتمجيد قوة الرب في ضعف الإنسان وإظهار كفاية نعمة الله (2 كورنثوس 12: 9)، لمجد الله.
لم يضعف إيمان بولس الرسول بسبب آلام اختبار إيمانه، ولم يتمرد على الرب. لقد قبل إرادة الله له، وبذلك قدم لنا مثالاً جيدًا نتبعه.
(ج) تجربة المؤمن
(عودة إلى قائمة المحتويات)
التجربة هي حث الرغبات الطبيعية على تجاوز حدودها التي قصدها الله. إنها تثير غرائز الإنسان الطبيعية. رغبات الغرائز هي طبيعية من الله، وليست في حد ذاتها خاطئة عندما يتم إشباعها بحسب مشيئة الله. عرف يوحنا الرسول مجال التجربة في يوحنا الأولى 2: 16: "لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ." شهوة الجسد هي الرغبات الملحة للإنسان الخاطئ. إنها تدفع الإنسان إلى الانغماس في الاعمال المادية الأنانية الاستغلالية. تؤدي شهوة العيون إلى البحث عن الأشياء والملذات المادية بأي ثمن بطريقة قانونية أو غير قانونية. تعظم المعيشة هو الكبرياء الاستبدادي غير المقيد الذي يتفاخر بإنجازاته وممتلكاته الحقيقية أو المتخيلة.
تصدر التجربة من الغرائز الشهوانية للإنسان ومن قوى شيطانية. الله يسمح بالتجربة، لكنها لا تصدر من إرادته. "لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً. وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمُلَتْ تُنْتِجُ مَوْتاً" (يعقوب 1: 13-15). الخضوع لإغراء التجربة يؤدي إلى السقوط في الخطيئة. "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلَكِنَّ اللهَ أَمِينٌ الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضاً الْمَنْفَذَ لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا" (كورنثوس الأولى 10: 13).
فيما يلي أمثلة من الكتاب المقدس عن تجارب في حياة المؤمنين.
1. تجربة آدم وحواء
(عودة إلى قائمة المحتويات)
أغوى الشيطان متنكرا في شكل حية حواء، أم البشرية، في القديم، وحثها على عصيان وصية الله. فرأت حواء أن الشجرة المحرمة جيدة للطعام (شهوة الجسد)، وجذابة للعيون (شهوة العيون)، ومرغوبة لاكتساب حكمة الله (تعظم المعيشة). خضعت حواء للرغبة في الاستمتاع بالثمرة المحرمة، والرغبة في الإنجاز والنمو في المعرفة بمجهودها الشخصي بعيداً عن الله. أخذت من ثمارها وأكلت، وأعطت زوجها معها، فأكل (التكوين 3: 6). سقط كلاهما في الخطيئة، وطُردا من جنة عدن (تكوين 3: 23). صدرت التجربة الأولى من الخداع الشيطاني وغرائز الإنسان الشهوانية.
2. تجربة يسوع في البرية
(عودة إلى قائمة المحتويات)
ذهب يسوع للقاء تجاربه بإرشاد روح الله (متى 4: 1-11؛ لوقا 4: 1-13). جرب الشيطان يسوع في البرية بعد معموديته. طلب الشيطان من يسوع أن يحول الحجارة إلى خبز لإشباع جوعه. كان هذا نداءا لتلبية احتياجات جسده باستخدام قوته الخارقة لخدمة احتياجاته الشخصية. القيام بذلك لا يتفق مع رسالته الإلهية، ويشكل استغلالا لقوته الإلهية للوصول إلى مآرب شخصية. رفض يسوع أن ينساق بشهوات الجسد. لم يتسلط عليه جوع جسده، بل ضبط وحكم جسده. برفضه هذا الإغراء، رفض يسوع مملكة أرضية مؤسسة على المادية والرفاهية الأرضية.
مرة أخرى، طلب الشيطان من يسوع أن يثبت رعاية الله وحمايته له بالقفز من أعلى مكان في معبد القدس. ينبغي الثقة في الله وطاعته، وعدم اختبار وعوده. كما أن هذا يتنافى ويتناقض مع ملكوت الله الذي ليس مؤسسا على مشاهد وشهرة أرضية.
أخيرًا، حاول الشيطان إغواء يسوع بوعده أن يعطيه ثروة وسلطان كل ممالك الأرض إذا عبد الشيطان، عدو الله. زجر يسوع الشيطان، واختار ملكوت الله، والإخلاص لعبادة الله وحده.
3. تجربة يوسف الصديق وداود الملك
(عودة إلى قائمة المحتويات)
في ذروة قوته بعد قهر جميع الأمم حوله، سقط داود في الخطيئة. لم يستطع ضبط شهوته الجنسية. ارتكب الزنا مع بَثْشَبَعَ، زوجة جاره، ودبر قتل زوجها أوريا لتغطية تعديه (صموئيل الثاني 11: 1-27). استسلم داود لشهوته الجنسية لبَثْشَبَعَ. لم يستطع مقاومة هذا الإغراء الذي نشأ من غريزته الجنسية الشهوانية. هذا مثال للحقائق المعبر عنها في رسالة القديس يعقوب 1: 14-15: "وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمُلَتْ تُنْتِجُ مَوْتاً" (يعقوب 1: 14-15). بعد ذلك، تاب داود بالدموع وفي الرماد استجابة لتحذير النبي ناثان الذي أرسله الله لتوبيخه (صموئيل الثاني 12: 1-25). يعبر المزمور 50 عن توبة داود.
فشل داود، لكن نجح يوسف في مقاومة الإغراء الجنسي لزوجة سيده في مصر. هرب من الإغراء تاركاً ثوبه الذي أمسكته بيدها (تكوين 39: 11-12). رفض يوسف أن يخون سيده الذي وثق به تمامًا، قائلاً: "لَيْسَ هُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي. وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئاً غَيْرَكِ لأَنَّكِ امْرَأَتُهُ. فَكَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى للهِ؟" (تكوين 39: 9). اتهمته كذباً بمحاولة علاقة جنسية معها. تم حبس يوسف في السجن بسبب اتهامها الزائف. لقد عانى لفعل الصواب. لكن الرب حول الشر الذي أصابه إلى نعمة عظيمة. أدرك فرعون أن روح الله كانت فيه (تكوين 41: 38)، وأقامه في المرتبة الثانية للقيادة على كل أرض مصر (تكوين 41: 41-44). استخدمه الله لإنقاذ عائلة يعقوب أبيه وكذلك شعوب مصر وكنعان من الهلاك في سنوات المجاعة السبع.
(د) استجابة الإنسان
(عودة إلى قائمة المحتويات)
في خضم المعاناة الطويلة لاختبار الإيمان، من المهم أن نتذكر هذه المبادئ الأساسية الثلاثة التي تقربنا من المسيح ربنا ومخلصنا: ثق بحبه اللامحدود والغير مشروط الذي جعله يقبل صليب الألم والعار من أجلنا؛ ثق بحكمته اللانهائية؛ وثق بقوته اللانهائية.
هناك دائمًا غرض إلهي بناء لمعاناة الصالحين. على الرغم من أن أسباب المعاناة قد تُحجب عن الصالحين، إلا أنه يوجد غرض ألهي لاختبار الإيمان! سوف يتم مكافأة إخلاص ووفاء المؤمن للرب في الشدائد والتجارب التي لم تسببها خطاياه. من المهم أن نؤكد حقيقة النضج والمجد الروحي الذي يتبع معاناة الأبرار، الذين يواصلون المسار مع الرب ولا يثورون ضده (إشعياء 3: 10-11؛ مزمور 92: 12-14؛ 119: 71). عندما يحين الوقت المحدد، إذا اجتاز المؤمن اختبار الإيمان وظل مخلصًا للرب، فإن الله سوف ينهي الشدائد ويرفع المؤمن بطرق قد تفوق أقصى مخيلته البشرية المحدودة! "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعاً لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ" (رُومِيَةَ 8: 28).
الله فخور بخدامه الصالحين عندما يجتازون اختبار الإيمان ويثبتون إخلاصهم ووفائهم لله في الشدائد. إنهم ينموا إلى درجة أعلى في الإيمان الناضج. في الواقع، يتباهى الرب بهم وبنجاحهم الروحي في الشدائد (أيوب 2: 3). لا شك أن الملائكة تفرح بنجاحهم في الملكوت السماوي.
من جهة أخرى، بخصوص التجارب المختلفة، يقاومها البارون ويتغلبوا عليها بكلمة الله والصلاة الساهرة (لوقا 22: 40). "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ الهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهَذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ"(أفسس 6: 13-18). "فَاخْضَعُوا لِلَّهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ" (يعقوب 4: 7).
تغلب يوسف على إغراء التجربة بالفرار منها. لم يتفاوض معها ولم يحاجيها (تكوين 39: 12). الصالحون يفرون من التجربة عقليا وجسديا إذا كان ذلك ممكنا. "... اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ ..." (تكوين 19: 17).